فصل: سورة غافر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآيات (69- 70):

{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (70)}
قوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها} إشراقها إضاءتها، يقال: أشرقت الشمس إذا أضاءت وشرقت إذا طلعت. ومعنى {بِنُورِ رَبِّها} بعدل ربها، قاله الحسن وغيره، وقال الضحاك: بحكم ربها، والمعنى واحد: أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحق بين عباده. والظلم ظلمات والعدل نور.
وقيل: إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق الأرض به، وقال ابن عباس: النور المذكور هاهنا ليس من نور الشمس والقمر، بل هو نور يخلقه الله فيضيء به الأرض، وروى أن الأرض يومئذ من فضة تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء. والمعنى أنها أشرقت بنور خلقه الله تعالى، فأضاف النور إليه على حد إضافة الملك إلى المالك.
وقيل: إنه اليوم الذي يقضى فيه بين خلقه، لأنه نهار لا ليل معه. وقرأ ابن عباس وعبيد بن عمير {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ} على ما لم يسم فاعله وهى قراءة على التفسير، وقد ضل قوم هاهنا فتوهما أن الله عز وجل من جنس النور والضياء المحسوس، وهو متعال عن مشابهة المحسوسات، بل هو منور السموات والأرض، فمنه كل نور خلقا وإنشاء.
وقال أبو جعفر النحاس: وقوله عز وجل: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها} يبين هذا الحديث المرفوع من طرق كثيرة صحاح: «تنظرون إلى الله عز وجل لا تضامون في رؤيت» وهو يروى على أربعة أوجه: لا تضامون ولا تضارون ولا تضامون ولا تضارون، فمعنى: «لا تضامون» لا يلحقكم ضيم كما يلحقكم في الدنيا في النظر إلى الملوك. و«لا تضارون» لا يلحقكم ضير. و«لا تضامون» لا ينضم بعضكم إلى بعض ليسأله أن يريه. و«لا تضارون» لا يخالف بعضكم بعضا. يقال: ضاره مضارة وضرارا أي خالفه. قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ} قال لابن عباس: يريد اللوح المحفوظ.
وقال قتادة: يريد الكتاب والصحف التي فيها أعمال بني آدم، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} أي جئ بهم فسألهم عما أجابتهم به أممهم. {وَالشُّهَداءِ} الذين شهدوا على الأمم من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] وقيل: المراد بالشهداء الذي استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله، قاله السدي. قال ابن زيد: هم الحفظة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم. قال الله تعالى: {وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21] فالسائق يسوقها إلى الحساب والشهيد يشهد عليها، وهو الملك الموكل بالإنسان على ما يأتي بيانه في ق. {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي بالصدق والعدل. {وهم لا يظلمون} قال سعيد بن جبير: لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم. {ووفيت كل نفس ما عملت} من خير أو شر. {وهم أعلم بما يفعلون} في الدنيا ولا حاجة به عز وجل إلى كتاب ولا إلى شاهد، ومع ذلك فتشهد الكتب، إلزاما للحجة.

.تفسير الآيات (71- 72):

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)}
قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً} هذا بيان توفية كل نفس عملها، فيساق الكافر إلى النار والمؤمن إلى الجنة. والزمر: الجماعات واحدتها زمرة كظلمة وغرفة.
وقال الأخفش وأبو عبيدة: {زُمَراً} جماعات متفرقة بعضها إثر بعض. قال الشاعر:
وترى الناس إلى منزله ** وزمرا تنتابه بعد زمر

وقال آخر:
حتى أحزأت ** وزمر بعد زمر

وقيل: دفعا وزجرا بصوت كصوت المزمار. {حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها} جواب إذا، وهي سبعة أبواب. وقد مضى في {الحجر}. {وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها} واحدهم خازن نحو سدنة وسادن، يقولون لهم تقريعا وتوبيخا. {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ} أي الكتب المنزلة على الأنبياء. {وَيُنْذِرُونَكُمْ} أي يخوفونكم {لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى} أي قد جاءتنا، وهذا اعتراف منهم بقيام الحجة عليهم {وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ} وهي قوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13]. {قيل ادخلوا أبواب جهنم} أي يقال لهم ادخلوا جهنم. وقد مضى الكلام في أبوابها. قال وهب: تستقبلهم الزبانية بمقامع من نار فيدفعونهم بمقامعهم، فإنه ليقع في الدفعة الواحدة إلى النار بعدد ربيعة ومضر. {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} تقدم بيانه.

.تفسير الآيات (73- 75):

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (75)}
قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} يعني من الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم، ممن اتقى الله تعالى وعمل بطاعته.
وقال في حق الفريقين {وسيق} بلفظ واحد، فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين. {حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} قيل: الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف. قال المبرد: أي سعدوا وفتحت، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب. وأنشد:
فلو أنها نفس تموت جميعه ** ولكنها نفس تساقط أنفسا

فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح.
وقال الزجاج: {حَتَّى إِذا جاؤُها} دخلوها وهو قريب من الأول.
وقيل: الواو زائدة. قال الكوفيون وهو خطأ عند البصريين. وقد قيل: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة، بدليل قوله: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} [ص: 50] وحذف الواو في قصة أهل النار، لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم. ذكره المهدوي وحكى معناه النحاس قبله. قال النحاس: فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد، وهو أنه لما قال الله عز وجل في أهل النار: {حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} دل بهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة: {حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها، والله أعلم.
وقيل: إنها واو الثمانية. وذلك من عادة قريش أنهم يعدون من الواحد فيقولون خمسة ستة سبعة وثمانية، فإذا بلغوا السبعة قالوا وثمانية. قاله أبو بكر بن عياش. قال الله تعالى: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7] وقال: {التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ} [التوبة: 112] ثم قال في الثامن: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 112] وقال: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ} [الكهف: 22] وقال: {ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً} [التحريم: 5] وقد مضى القول في هذا في {براءة} مستوفى وفي {الكهف} أيضا.
قلت: وقد استدل بهذا من قال إن أبواب الجنة ثمانية، وذكروا حديث عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ- أو فيسبغ الوضوء- ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» خرجه مسلم وغيره. وقد خرج الترمذي حديث عمر هذا وقال فيه: «فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يوم القيامة» بزيادة من وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية. وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر بابا، وذكر نا هناك عظم أبوابها وسعتها حسب ما ورد في الحديث من ذلك، فمن أراده وقف عليه هناك. {وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها} قيل: الواو ملغاة تقديره حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها {قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} أي في الدنيا. قال مجاهد: بطاعة الله.
وقيل: بالعمل الصالح. حكاه النقاش والمعنى واحد.
وقال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} بمعنى التحية {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ}. قلت: خرج البخاري حديث القنطرة هذا في جامعه من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا».
وحكى النقاش: إن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم وذلك قوله تعالى: {وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً} [الإنسان: 21] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم فعندها يقول لهم خزنتها: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} وهذا يروى معناه عن علي رضي الله عنه. {وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ} أي إذا دخلوا الجنة قالوا هذا. {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} أي أرض الجنة قيل: إنهم ورثوا الأرض التي كانت تكون لأهل النار لو كانوا مؤمنين، قاله أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وأكثر المفسرين وقيل: إنها أرض الدنيا على التقديم والتأخير. {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} قيل: هو من قولهم أي نعم الثواب هذا.
وقيل: هو من قول الله تعالى، أي نعم ثواب المحسنين هذا الذي أعطيتهم. قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ} يا محمد {حَافِّينَ} أي محدقين {مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} في ذلك اليوم {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} متلذذين بذلك لا متعبدين به أي يصلون حول العرش شكرا لربهم. والحافون أخذ من حنافات الشيء ونواحيه. قال الأخفش: واحدهم حاف.
وقال الفراء: لا واحد له إذ لا يقع لهم الاسم الا مجتمعين. ودخلت {من} على {حول} لأنه ظرف والفعل يتعدى الى الظرف بحرف وبغير حرف.
وقال الأخفش: {من} زائده أي حافين حول العرش. وهو كقولك: ما جاءني من أحد، فمن توكيد. الثعلبي: والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح وتحذفها أحيانا، فيقولون: سبح بحمد ربك وسبح حمد الله قال الله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وقال: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}. {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} بين أهل الجنة والنار.
وقيل: قضى بين النبيين الذين جئ بهم مع الشهداء وبين أممهم بالحق والعدل. {وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} أي يقول المؤمنون الحمد لله على ما أثابنا من نعمه وإحسانه ونصرنا على من ظلمنا.
وقال قتادة في هذه الآية: افتتح الله أول الخلق بالحمد لله فقال: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} فلزم الاقتداء به، والأخذ في ابتداء كل أمر بحمده وخاتمته بحمده.
وقيل: إن قول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} من قول الملائكة فعلى هذا يكون حمدهم لله تعالى على عدله وقضائه. وروي من حديث ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ على المنبر آخر سورة الزمر فتحرك المنبر مرتين. تم تفسير سورة الزمر.

.سورة غافر:

وهي سورة المؤمن، وتسمى سورة الطول وهي مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر. وعن الحسن إلا قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [غافر: 55] لأن الصلوات نزلت بالمدينة. وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة وهما {إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ} [غافر: 56] والتي بعدها. وهي خمس وثمانون آية. وفي مسند الدارمي قال: حدثنا جعفر بن عون عن مسعر عن سعد بن إبراهيم قال: كن الحواميم يسمين العرائس. وروي من حديث أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الحواميم ديباج القرآن» وروي عن ابن مسعود مثله. وقال الجوهري وأبو عبيدة: وآل حم سور في القرآن. قال ابن مسعود: آل حم ديباج القرآن. قال الفراء: إنما هو كقولك آل فلان وآل فلان كأنه نسب السورة كلها إلى حم، قال الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آية ** تأولها منا تقي ومعزب

قال أبو عبيدة: هكذا رواها الأموي بالزاي، وكان أبو عمرو يرويها بالراء. فأما قول العامة الحواميم فليس من كلام العرب. وقال أبو عبيدة: الحواميم سور في القرآن على غير قياس، وأنشد:
وبالحواميم التي قد سبغت

قال: والأولى أن تجمع بذوات حم. وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لكل شي ثمرة وإن ثمرة القرآن ذوات حم هن روضا ت حسان مخصبات متجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم». وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مثل الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب» ذكرهما الثعلبي. وقال أبو عبيد: وحدثني حجاج بن محمد عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال: رأى رجل سبع جوار حسان مزينات في النوم فقال لمن أنتن بارك الله فيكن فقلن نحن لمن قرأنا نحن الحواميم.